Your browser does not support JavaScript, You should enable JavaScript to use this website.

أعمال الكاتب كما تبدو في عيون عدد من النقاد

علي مدي ما يزيد علي أربعين عاما تتابعت أعمال الكاتب القصصية و الروائية و النقدية في مسيرة متصلة في الإنجاز و متنوعة في مجالات الكتابة, و لكنها في كل مراحلها كانت مثار اهتمام عدد من كبار النقاد المصريين و العرب, و فيما يلي لمحات موجزة تلقي بشيء من الضوء علي مواقف لهؤلاء النقاد من أعمال الكاتب الإبداعية في مختلف المراحل , و كما ظهرت في كتبهم النقدية مع توثيق هذه المصادر بقدر الإمكان. في البداية: استقبل عدد من نقاد الأدب في تلك المرحلة أعمال الكاتب الأولى باهتمام واضح، فكتب الأستاذ أنور المعداوي مقدمة لمجموعة الكاتب الأولى بعنوان "فتاة في المدينة" ثم نشرت هذه المقدمة في كتاب للناقد بعنوان "نماذج فنية من الأدب والنقد". كما كتب الدكتور عبد القادر القط مقالين عن مجموعتين للكاتب هما "فتاة في المدينة" و"الناس والحب"، ونشر المقالان في كتابه المعنون "دراسات في الأدب الحديث" ومن أهم ما أشار إليه الدكتور عبد القادر القط في المقالين "أن الكاتب استطاع أن يتميز في نوعين من القصة القصيرة: القصة التي تحتفي بالنزعة الفكرية والقصة التي تعمق اللحظة النفسية". كما كتب الناقد فؤاد دواره مقالًا ظهر في كتابه بعنوان "مع القصة القصيرة" عن مجموعة "فتاة في المدينة" باعتبارها عملًا فريدًا ومتميزًا في تلك المرحلة، بأجوائه وشخصياته وأسلوب رسمه لهذه الأجواء وهذه الشخصيات. وحين كتب الدكتور رشاد رشدي مقالًا في مجلة "الجديد" انتقد فيه النزعة الفكرية في مجموعة "فتاة في المدينة" للكاتب باعتبارها قد تفسد النزعة الفنية في القصة فإن الدكتور محمد مندور هو الذي قام بالرد عليه في جريدة الجمهورية آنذاك موضحًا أن النزعة الفكرية في أعمال الكاتب لا تأتي على حساب فنية القصة بل تتحقق من خلالها، وكان ذلك السجال جزءًا من معارك الكاتبين الكبيرين حول قضايا "الشكل والمضمون" في تلك المرحلة. كما كتب الناقد محمود أمين العالم عن مجموعة الكاتب الثانية بعنوان "الابتسامة الغامضة" في سياق سلسلة المقالات التي نشرت في مجلة المصور تحت عنوان "هل ماتت القصة القصيرة؟" ليبرهن على أن القصة القصيرة تعيش مرحلة ازدهار جديدة من خلال هذه الأعمال التي كانت مجموعة "الابتسامة الغامضة" وعلى حد تعبير الأستاذ محمود العالم في مقدمتها، وقد ظهر مقال د/ العالم في كتابه "أربعون عامًا من النقد التطبيقي". وفي مختلف مراحل تطور أعمال الكاتب ظلت هذه الأعمال مثار اهتمام النقاد في كل مرحلة، فكتب صلاح عبد الصبور عن نزعة التجريب والتجديد القوية التي برزت في مجموعة "الوهم والحقيقة" في مقال له بمجلة روزاليوسف. كما كتب الناقد فاروق عبد القادر عن مجمل أعمال الكاتب في القصة القصيرة في كتابه بعنوان "نفق معتم ومصابيح قليلة" الصادر عن دار المركز المصري العربي في ١٩٩٦ ، مشيرًا إلى أن أعمال الكاتب القصصية هي من هذه المصابيح القليلة، وإلى أنها في كل صورها وتنوعاتها تتابع ذلك الجدل الدائم بين الفرد والجماعة كتيمة أساسية في مجمل أعمال الكاتب. كما كتب عن رواية "العودة إلى المنفى" مقالًا إضافيًا نشر في كتابه المعنون "من أوراق الرفض والقبول" الصادر عن دار شرقيات للنشر في ١٩٩٣ ، وجاء المقال تحت عنوان "كيف سطع الحلم المصري وكيف تبدد؟" والمقال كله يذكر من خلال التحليل والعرض القيم الفنية التي تتميز بها الرواية في سياق الرواية التاريخية العربية. وفي خط مواز آخر لكتابات تلك المرحلة يجيء ما كتبه الناقد العراقي عبد الجبار عباس في كتابه بعنوان "في النقد القصصي" ١٩٨٠ ، منشورات وزارة الثقافة والإعلام العراقية تحت عنوان "ملاحظات على قصص أبو النجا" فيسجل: "أن الطبيعة الفنية للكاتب طبيعة جدلية، فهو يؤمن بأن إقامة صراع أو تقابل بين النقائض هو الطريقة الفذة لاكتشاف أغوار الحياة والنفس البشرية." "افتتان الكاتب بالتحليل المتأني وتتبع مختلف التفاصيل الدقيقة وقد ظهر ذلك واضحًا في قصص "في الطابور" و"السياق" و"الابتسامة الغامضة". ويواصل الناقد العراقي عبد الجبار عباس اهتمامه بأعمال الكاتب الروائية فيكتب عن روايته "العودة إلى المنفى" في كتابه "في النقد الأدبي" ١٩٨٠ منشورات وزارة الثقافة والإعلام العراقية تحت عنوان "ملحمة العودة إلى المنفى"، ويرى الناقد أن رواية "العودة إلى المنفى" تلتقي مع النماذج المتألقة في فن السيرة إذ تمزج بين السرد القصصي والسرد التاريخي، كما أنها تلتقي لقاءً عرضيًا عابرًا بالروايات التاريخية العربية، وتتجاوزها بأشواط، فهي على صعيد الرؤية والفكر قفزة نوعية مختلفة تقترب من خلالها من الرواية التاريخية الأوروبية الحديثة التي اتجهت إلى النقد الذاتي والمقاومة، وصيانة المثل الإنسانية العليا، وصناعة نموذج بطل إيجابي. وفي إطار اهتمام النقاد بأعمال الكاتب الروائية يجيء ما كتبه الدكتور محمد حسن عبد الله في كتابه "الريف في الرواية العربية" في سلسلة "عالم المعرفة" العدد ١٤٣لسنة ١٩٨٩التي تصدر في الكويت، عن رواية "ضد مجهول" للكاتب، ويقول الناقد: إن الكاتب لم ينشئ هذه الرواية لتحمل رسالة محددة في قضية التغيير التي طرحتها ثورة ٢٣ يوليو ١٩٥٢أو أن تصل بالقارئ إلى هدف قرره هو سلفًا، إنه يريد فقط أن يحرك أفكارنا و أن يوسع من دائرة رؤيتنا لبعض ما يسكن في أعماقنا من فكر ربما اكتسب صوابه من مجرد استقراره في الأعماق. كما يرى الناقد أن الحس التراجيدي هو السائد في الرواية وهو عرق ينبض في أعماقها حتى انفجر في حادث قتل في نهايتها كما يرى الناقد ايضًا أن في الرواية توزانًا منضبطًا بين التكثيف البادي في تجميع أهل القرية حول حدث واحد في زمن قصير، والعناية بالتفاصيل واللغة التحليلية الدقيقة. ولعله في الإطار نفسه، وهو اهتمام النقد الأكاديمي بأعمال الكاتب الروائية، يجيء ما كتبه الدكتور رمضان بسطاويسي عن رواية "العودة إلى المنفى" ورواية "ضد مجهول" في مجلة "أدب ونقد" تحت عنوان "المثقف والجماهير والسلطة" عدد أغسطس ١٩٩٤، فهذا العنوان يشير إلى الحبل السري الذي يتغلغل في العملين مع الاختلاف البين بينهما في الزمان والمكان والشخصيات. وفي مرحلة اخيرة كتب الدكتور صلاح فضل عن آخر مجموعة قصصية للكاتب بعنوان "في هذا الصباح" مقالًا بجريدة الحياة اللندنية بعنوان "سرد مخضرم" كما كتب الدكتور علي الراعي مقالين ظهر أولهما في مجلة المصور ٣ / ٣ / ١٩٨٩ عن مجموعة "الوهم والحقيقة" وظهر الثاني في جريدة الأهرام ٢١ / ٧ / ١٩٩٦عن جملة أعمال الكاتب القصصية بعنوان "أبو المعاطي أبو النجا وعالمه القصصي الساكن السطح الفائر الأعماق". وقد ظهر المقالان معًا في كتاب الدكتور على الراعي في سلسلة كتاب الهلال بعنوان "القصة القصيرة في الأدب المعاصر" ١٩٩٩. وكتب الدكتور شكري عياد أيضًا مقالين عن جملة أعمال الكاتب في مجلة الهلال في شهرين متتاليين بعنون واحد هو "أبو المعاطي أبو النجا شاعر الألفة والأمل " ١، ٢ وقد ظهر المقالان في كتاب للدكتور بعنوان "القفز على الأشواك" الصادر أيضًا في سلسلة "كتاب الهلال" بتاريخ أكتوبر ١٩٩٩. ولم تكن مصادفة أن أكدت هذه المقالات كلها علي ما تتسم به هذه القصص من نزعة للعمق والتجريب، وما في رؤية الكاتب للحياة في داخل هذه القصص من شمول وصفاء ونفاذ إلى جوهر الوجود، يقول الدكتور علي الراعي في ص١٢٧ من كتابه المشار إليه "واختار من باقي قصص المجموعة اثنتين هما "ذلك الشتاء" و"وقت الزوال" هاتان قصتان ناعمتان تشتغلان بالجري وراء الصعب المراوغ الذي لا تمسكه النفس إلا بالجهد الجهيد". ويقول الدكتور شكري عياد في ص ١٩٨ من كتابه "القفز على الأشواك": "إن الكاتب في علاقته بالواقعية يحمل في داخله أسطورة الاعتقاد بوحدة الوجود، وأن هذه الأسطورة رافقته من أرض الواقعية إلى أرض الحداثة" وساق الناقد مثلًا على امتزاج الواقعية عن الكاتب بالأسطورة بقصة "حارس المقبرة" في مجموعة "فتاة في المدينة" التي قدم لها تحليلًا إضافيًا، كما أشار إلى غيرها من القصص في السياق ذاته.